01 - 05 - 2025

ملامح | الشكوى لغير الرئيس مضيعة للوقت

ملامح | الشكوى لغير الرئيس مضيعة للوقت

أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام عقد مؤتمر (مستقبل الدراما في مصر) صباح الثلاثاء 22 أبريل 2025، بمقر الهيئة بمبني الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو، بحضور عدد من الكتّاب والمخرجين والمنتجين وعلماء النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد، لمناقشة تعزيز القيم، ومواجهة موجات العنف والجريمة وتعاطي المخدرات، وإشعال الصراع المجتمعي، وترويج الابتذال اللفظي والانحراف السلوكي، وتدمير قيم العائلة، وذلك ما انفردت به دراما رمضان، وأثار حفيظة الرئيس عبد الفتاح السيسي وغالبية الشعب المصري، لكونها لا تعبر عن المجتمع المصري، وركزت على كل ما هو غير مشروع، وقدمت نماذج غير مشرفة للشباب والأجيال القادمة، مما يهدد السلم والأمنين القومي والعام للبلاد.

والحقيقة، لو أراد أعداء وأعدقاء مصر تشويه صورتها وسمعتها فلا يوجد أفضل من الدراما الرمضانية، التي مع الآسف تنتج بأموال المصريين ويشخصها ويكتبها ويخرجها مصريين أيضاً.. ومن المؤسف أن الشركة الأم التي تنطوي تحتها أغلب شركات الإنتاج محسوبة على الدولة.

وكان الرئيس السيسي قد أعرب عن تحفظه على بعض ما يتم تقديمه ويؤثر بالسلب على المجتمع، ودعا إلى البحث عن الأمور الصالحة، مشدداً على أهمية الإعلام ودوره في تنشئة الأجيال على القيم والأخلاق المصرية الأصيلة، إلى جانب الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة في بناء مجتمع قوي..

وفور إثارة الرئيس عبد الفتاح السيسي ضرورة أن تعكس الأعمال الدرامية والإعلامية الواقع المصري الحقيقي، وتعزز القيم الإيجابية في المجتمع، خاصة بعد ردود الأفعال التي أظهرت وجود فجوة بين بعض الأعمال المقدمة في شهر رمضان والمعدن الأصيل للمجتمع المصري، أعلن رئيس الوزراء عن تشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع رؤية مستقبلية للدراما والإعلام، تضم خبراء ومتخصصين وأساتذة إعلام وشركات الإعلام بما فيهم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بهدف الوصول لرؤية شاملة من شأنها أن تعزز الهوية المصرية وتقديم دراما تعبر بصدق عن الواقع المصري، وتتناول قضايا المجتمع بأسلوب احترافي يعزز الهوية والانتماء، مع الالتزام بالثوابت الأخلاقية والحضارية، دون تقييد لحرية الفكر والتعبير، مؤكداً أن بعض الأعمال الدرامية في شهر رمضان لا تعبر عن المعدن الحقيقي للمواطن المصري.

وليس المهم تشكيل لجنة، فما أكثر اللجان في بلدنا، الأهم أن تضم اللجنة أو مجموعة العمل المتخصصين الفعليين وهم الكتاب والمخرجين والممثلين والمنتجين والمشاركون في الصنعة كالمصورين ومهندسي الديكور والإضاءة والصوت وفنيي المونيتير، فالدراما والسينما والإعلام في نهاية المطاف صناعة ولها صنايعية، وليس الأستاذ أو الأستاذة ممن تربطهم علاقة قرابة بأحد أبطال الدراما، أو خريج معهد السينما ولم يكتب في حياته جملة سينمائية، لأنه ليس كل من تخرج من معهد السينما ممثل أو مخرج أو كاتب سيناريو ، فالمعهد به تخصصات، وألا ننسى كبار الصناع أمثال المخرج والسيناريست داود عبد السيد على سبيل المثال ومن على شاكلته، للاستفادة من خبراتهم المتراكمة، ولا نقول "أصله كبر في السن" فالإعلام والسينما والدراما إبداع غير مرتبط بالسن، الخبرة أفضل كثيراً من أهل الثقة الجهلة.

* لولا السيسي ما تحرك أحد    

ومن الواضح وفقا للتسلسل الدرامي للتصريحات أنه لولا تصريح الرئيس السيسي، فإن أحداً ما كان ليتحرك، وكأنه مطلوب أن يتدخل الرئيس السيسي لتحريك التصحيح..

انتقاد الرئيس السيسي للإعلام ليس بجديد، ولم يكن وليد اللحظة، فقد سبق في العام 2019، أن دعا الإعلاميين إلى نقل الإنجازات التي تحققها الدولة قائلاً "انقلوا اللي أحنا بنعمله للناس عشان الأمل والثقة إن المصريين يقدروا يعملوا تغيير لبلادهم".. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها الإعلام، فقد سبق في نوفمبر 2015، أن دعا الإعلاميين للتعامل مع مجريات الأمور بمزيد من الوعي، قائلاً " نحن لا ننشر وعيا حقيقيا" وأضاف " المرة القادمة سأشكو للشعب المصري منكم".

وإذا كان الرئيس السيسي يشكو الإعلام للشعب، فالإعلاميون يشكون للرئيس لأن الشكوى لغيره مضيعة للوقت.. أولاً علينا أن نفرق بين الإعلام والإعلان والدراما والسينما، ولكل صناعه.. ثم نتحدث عن أسباب المشكلة والمتسبب فيها، ثم كيف الخروج من المأزق أو الأزمة.

بصراحة يا ريس.. هذه القطاعات تعرضت منذ 20 عاماً، لأزمة سببها الرئيسي خروج الدولة منها وتركها للقطاع الخاص "يمرح ويلعب" دون رقابة، والرقابة هنا مهمة لأنها ترعى الذوق العام وضوابط الأخلاق، وبالتالي تحافظ على السلم والأمن العام، خاصة وأن الثقافة والإعلام والإعلان والدراما والأفلام أمن قومي مثل الصحة والتعليم، وهي من المفروض غير خاضعة للربح والخسارة لأنها أمن قومي.. ومسؤولة عن صناعة الفكر وتوعية الشعب، خصوصا الشباب وصغار السن.. علماً بأن مسلسلات التليفزيون المصري التاريخية والاجتماعية والفكاهية كانت تلقى رواجاً عربياً، وكذلك الأفلام، وقد لمست خلال تجوالي ببعض البلدان العربية تأثيرها في الأشقاء العرب وتشكيل ثقافتهم، وذلك يعني بمفهوم اقتصادي أن إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم يكن خاسراً، وتأثيرها لم يقف عند المصريين فقط.

أما بالنسبة للإعلام بمشتقاته المكتوب والمرئي والمسموع، فلقد كانت هناك مؤامرة لتدميره والخلاص منه، ونحن في حاجة لقراءة ذلك الملف، والاستعانة بالخبراء وقدامى الإعلاميين، دون ترك الأمر منفرداً لنقابة بعينها، لأنها تعبير عما ألت إليه المهنة، وتجسيداً للمثل الشعبي المصري "النصاص قامت والقوالب نامت".
---------------------------------
بقلم: محمد الضبع



مقالات اخرى للكاتب

ملامح |